
النموذج المختلف الآخر: قارون، قارون بما مكَّنه الله من إمكانات كبيرة، وصلت إمكاناته المادية إلى مستوى عجيب، {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ} [القصص: من الآية76] الْعُصْبَةِ: الجماعة من الناس، أُولِي الْقُوَّةِ: الأقوياء، يعني: لو اجتمع مجموعة من الناس من أقويائهم لشق عليهم وصعب عليهم حمل مفاتيح كنوزه من كثرة المفاتيح، ترى كم كانت هذه الكنوز، إذا كانت مفاتيحه لهذه الكثرة وبهذا الثقل، لأثقلت مجموعة من الناس من أولي القوة! قارون اغتر بهذه النعمة، بهذه الإمكانات، ونظر نظرةً مختلفة، لم يعتبر ذلك نعمةً من الله عليه، لم يعتبر الفضل عليه فيما عنده لله -سبحانه وتعالى- بل اعتبر ذلك فضلاً لنفسه فأعجب بنفسه واغتر بنفسه؛ وبالتالي تكبر، وعندما نصحه قومه: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ} [القصص: من الآية77] في الأخير ماذا قال لهم تجاه نصائحهم كلها؟ {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} أنا ذكي، وأنا شاطر، وأنا عبقري، وعندي معرفة، استطعت من خلالها أن أكتسب هذه الثروة الهائلة، فحالة العجب حالة سلبية جدًّا يتولد عنها الكبر
اقراء المزيد