مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

 

الوضع الاقتصادي كان يتفاقم، وكانت معاناة شعبنا تزداد، ليس بفعل الظروف، ليس لأن هناك حصاراً مفروضاً على شعبنا في وصول احتياجاته ومتطلباته الأساسية، وليس لأن موارده وثرواته الطبيعية تعيش أو تكون تحت احتلالٍ مباشرٍ معلن، وسيطرة خارجية معلنة، الوضع بناءً على أنها ثروات هذا البلد، وأن إيراداتها لمصلحة هذا الشعب، ولمصلحة الدولة، ولمصلحة المرتبات…إلخ.

 

ثم أيضاً على مستوى بقية الأمور، مثلاً: الحكومة آنذاك، الجانب الرسمي والسلطة في البلد آنذاك، تظهر على أنها متحالفة مع الأمريكيين والأوروبيين والخيلجيين، وأنها تحظى بمساندة دولية، وأنَّ لها علاقات طبيعية مع كل الدول، بمعنى: أنها في واقعها على أساس أنها في ظل ظرفٍ طبيعي، وليس في ظل وضعٍ استثنائي، يبرر أن يكون هناك أزمات، وأن يكون هناك معاناة، لا، أمامك آنذاك في صنعاء سلطة، تحظى بعلاقة مع كل الدول، تحظى بمساندة دولية، يقول المجتمع الدولي ويعلن على أنه معها، وأنه يدعمها، وأنه يقدِّم لها المساعدات المالية، والدعم السياسي والمادي… وغير ذلك، مع كل ذلك، أزمات اقتصادية خانقة جداً، وتتجه نحو الانهيار الاقتصادي التام.

 

ثم على المستوى الأمني، انهيار أمني شامل، تصبح صنعاء بنفسها مسرحاً للاغتيالات والتفجيرات، تنتشر القوى التكفيرية، وعملاء أمريكا من التكفيريين والقاعدة والدواعش، القاعدة آنذاك هي التي -قبل أن يظهر عنوان داعش- تنتشر في معظم أرجاء البلد وصولاً إلى صنعاء، وبتسهيلات واضحة، اغتيالات حتى للموظفين الرسميين، استهدافات مكثفة للأكاديميين وللنخب في هذا البلد، تفجيرات شاملة تستهدف الأمن، وتستهدف الشعب، وتستهدف الكل، فالحالة الأمنية يعبَّر عنها بالانهيار الأمني، الاستهداف حتى للمنتسبين للأجهزة الأمنية في الأمن السياسي آنذاك وفي غيره.

 

ثم على بقية المستويات: الوضع الاجتماعي يزداد سوءاً، الحالة الإعلامية والثقافية والفكرية كلها تصب في اتجاهٍ يساعد على تفكيك النسيج الاجتماعي لشعبنا، على ضعضعة الوضع الداخلي في بلدنا، على تفاقم الأزمات في كل المجالات، ولم يكن أيٌّ منها يتجه على نحوٍ إيجابي، يتجه بشعبنا نحو سياسات إيجابية، أو معالجات للمشاكل بطريقة صحيحة وسليمة… أو غير ذلك، حتى على المستوى الأخلاقي، الذي كان يعمل عليه الأعداء هو أن يسلبوا من شعبنا هويته الإيمانية، أن يجرِّدوه من كل عناصر القوة المعنوية مع المادية؛ حتى يصلوا به إلى الانهيار التام؛ ليتمكنوا من السيطرة التامة عليه وهو في حالة استسلام، لم يعد يمتلك أي عناصر للتصدي لكل ما يعاني منه من استهداف.

 

وهذه الحالة واضحة، يعني: نحن هنا لا ندَّعي ادِّعاءات باطلة، أو نتكلم بما ليس معروفاً، يكفي أن يعود الإنسان ويستذكر تلك المراحل لمن عاشها، ويستذكر تلك الحقائق وهي معروفة، أو حتى على المستوى الإعلامي، هي أمور معروفة، وكان الكل يعترف بها، فهو وضعٌ غريب، لم يكن وضعاً سليماً، أن يكون هناك سلطة في البلد، وأن تكون مدعومةً ومسنودةً من المجتمع الدولي، من الأمريكيين والأوروبيين والخليجيين، وأن يكون لها علاقات دولية مع الروس والصين، ومع شرق الأرض وغربها، وأن يكون الوضع الذي في البلد ليس في حالة حصار خانق، ولا حرب شاملة، ثم تكون الأمور كلها تتجه نحو الانهيار في كل المجالات، حالة خطيرة جداً، حالة سلبية جداً، معناه أنَّ الإدارة لشؤون هذا البلد، والتي على رأسها أولئك الأوصياء، الذين جعلوا منهم أن يكونوا هم في مقام الوصاية على البلد، أنهم كانوا يرتِّبون الأمور في طريقة إدارتهم لشؤون هذا البلد بما يحقق أهدافهم الشيطانية، هم بكل وضوح كانوا يتجهون بهذا البلد إلى الانهيار التام.

 

عندما نستذكر ما يتعلق بموضوع الجيش، ما الذي فعلوه في مسألة الجيش؟ قصة غريبة، كانوا يسلبون منه كل عناصر القوة، عملوا على تفكيكه، عملوا على إضعافه، كانوا يجرِّدوه من وسائل القوة، اتجهوا إلى سحب سلاح الدفاع الجوي وتدميره في مراسم وحفلات مع عملائهم الخونة، الذين كانوا في مناصب رسمية.

 

اتجهوا إلى تفكيك الجيش من الداخل بكل أشكال التفكيك، زرعوا المشاكل داخل الجيش، عبثوا بوضع الجيش تحت عنوان الهيكلة، اتجهوا آنذاك أيضاً إلى السيطرة على الصواريخ، وكان لديهم برنامج لتدمير الصواريخ الباليستية.

 

اتجهوا إلى العبث في القوات الجوية، لدرجة أنَّ الطائرات الحربية كانت تسقط في وسط صنعاء، كانت تسقط وهي في أنشطتها الاعتيادية الروتينية، تسقط في وسط صنعاء.

 

اتجهوا إلى العبث في القوات البحرية حتى أوصلوها إلى حافة الانهيار، كل عناصر القوة كانوا يتجهون للسيطرة عليها وتجريدها من كل عوامل قوتها، واستغلوا الوضع السائد آنذاك في توجه القوى السياسية من جانب، وفيما كان هناك من إفلاس لدى البعض: البعض من المسؤولين، البعض من القوى السياسية، إفلاس على كل المستويات: إفلاس على مستوى الإحساس بالكرامة، إفلاس على مستوى الانتماء الوطني، إفلاس على مستوى الانتماء الإيماني، فوجدوا آنذاك ظروفاً مهَّيأة، يعملون فيها بكل راحة للوصول إلى أهدافهم التي كانت تشكِّل خطورة كبيرة على هذا الشعب.

 

طبعاً لو استقر الوضع أو استمر الوضع على ما كان عليه، لو لم يثر شعبنا، واستمرت الحالة على ما هي عليه، استمر مثلاً الوضع الاقتصادي حتى وصل إلى الانهيار التام، واستمر الوضع السياسي إلى مستوى الانهيار التام، استمر الوضع الأمني إلى مستوى أسوأ مما كان عليه، مع أنه بالنسبة للوضع الأمني كان قد وصل إلى مستوى يمكن القول عنه بالانهيار، يمكن توصيفه بالانهيار، انتهى وضع الجيش بشكلٍ كامل، معناه: أنَّ البلد كان يذهب نحو التفكك، نحو الضعف التام، نحو الاستسلام التام، معناه: أنَّ القواعد الأمريكية التي كانت قد بدأت بما فيها قاعدة في وسط صنعاء للمارينز الأمريكي، وقاعدة في العند، أيضاً ستُوسَّع في أماكن ومواقع جغرافية ذات أهمية كبيرة في بلدنا، ومعناه: أنَّ القاعدة كانت تؤدي دورها بالقدر الذي يريده الأمريكي ليوصله إلى تبرير احتلاله وسيطرته التامة، ومعناه: أنَّ البلد تحت عنوان الأقلمة كان سيتأقلم، ثم تأتي بعده مرحلة الانفصال، ويمزق إرباً إربا، هم كان يهيئون لذلك بالنعرات الطائفية التي اشتغلوا عليها على نحوٍ ساخنٍ جداً، وإلى درجة أن يوصَّف البعض من أبناء شعبنا بأنهم مجوس، وبأنهم كفرة، وبأنهم كافرون بالنبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وأنهم يسيئون إلى زوجاته وأصحابه، وأنهم… كانت المعركة ساخنة، والعمل جارٍ على قدم وساق لكل ما يساعد على تفكيك أبناء هذا البلد،

 

على مستوى النعرات المناطقية، كان العمل عليها ساخناً جداً، يهيئ كل نطاقٍ جغرافي أن يكون له موقف حاسم من بقية النطاقات الجغرافية في البلد، على المستوى السياسي، على المستوى الاجتماعي، كان العمل جارياً على قدم وساق، والأداء الإعلامي والشغل على المستوى الثقافي والفكري كان ساخناً جداً، يهيئ كله لهدفٍ رئيسي يصب في مصلحة أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والغرب، والأهداف الغربية، التي تستهدف منطقتنا بشكلٍ عام، عالمنا العربي والإسلامي بشكلٍ عام، وأيضاً بلدنا كذلك كجزء من هذه الأمة.

 

فلم يكن القعود، الرضا بتلك الوضعية أو الاستسلام لها، يمثل حلاً لشعبنا؛ لأنه كان سيوصل شعبنا إلى أن يخسر كل شيء: أن يخسر حريته، لا يبقى شعباً حراً، يكون شعباً ليس له أي قرار في أمر نفسه، يكون حق اتخاذ القرار فيما يخصك أنت كيمني، حصرياً للسفير الأمريكي وأعوانه، يتعاقب على ذلك سفراء أمريكا من سفير إلى سفيرة، يرسلون أحياناً سفيرة، تكون هي في الواقع الفعلي أميرة اليمن، المتحكمة بكل شؤونه، قد تكون يهودية، قد تكون كافرة، قد تكون ملحدة، وقد تكون تافهة عابثة فاجرة، ويكون لها كامل الصلاحيات في أن تقرر في شأن أي يمني، أي قبيلة يمنية، أي محافظة يمنية، حتى في حق النخب ما تشاء وتريد في كل المجالات، وفي ظل التوجهات الأمريكية، وفيما يخدم الأطماع الأمريكية غير المشروعة، ليس في حدود المصالح الأمريكية المشروعة، وإنما الأطماع غير المشروعة.

 

أضف إلى ذلك، مع خسارة الحرية، نخسر هويتنا الإيمانية، نصبح شعباً يتآمر الأعداء، يعمل الأعداء على تجريده من هويته الإيمانية، وكان لهم برنامج واضح في هذا السياق، على مستوى استهداف المناهج، حذف آيات قرآنية منها (المناهج الرسمية آنذاك)، تقديم بدائل ذات يعني تخدم التوجهات الأمريكية حتى تجاه إسرائيل، حتى تجاه إسرائيل، شغل واسع في هذا الاتجاه، كان هناك تركيز أمريكي على المناهج، على السياسة التعليمية، على المعلمين والمعلمات، ودورات، وفرض سياسات وتوجهات، هناك شغل على المستوى الإعلامي، وسيطرة على الطرح الإعلامي، والاتجاه الإعلامي؛ حتى يكون دائماً يفككوا الساحة الداخلية، ويعزز النفوذ الخارجي، وعلى رأسه الأمريكي في البلد، كان هذا واضحاً، واضحاً جداً.

 

أضف إلى ذلك- وهذه خسارة للدين والدنيا- أن يخسر شعبنا حريته، كرامته، استقلاله، هويته الإيمانية، أن يتحول إلى شعب بائس، تحت سيطرة أعدائه، ثم يفتح المجال فيه لمن؟ للإسرائيلي، ليأتي في عنوان أو تحت عنوان التطبيع، والظروف مهيَّأة تماماً؛ لأنه حيث تعمل أمريكا، هي تحسب حساب مصلحة إسرائيل؛ لأن إسرائيل بالنسبة لأمريكا، هي وكيلها الرئيسي في الشرق الأوسط، فيما يطلقون عليه بالشرق الأوسط، ليس السعودي هو الوكيل لأمريكا في المنطقة، وإن كان يرغب في ذلك، ويسعى لذلك، وليس هو الإماراتي، وإن كان سعى لذلك، وقدَّم الكثير من أجل ذلك في خدمة أمريكا، ولا أي بلد عربي أو إسلامي يمكن أن تعتمد عليه أمريكا ليكون وكيلاً فعلياً لها في منطقتنا وعالمنا العربي والإسلامي، الوكيل الأساسي هو الإسرائيلي، البقية أدوات، تنظر إليهم أمريكا بما توصِّفهم به من: عملاء، أو بقرة حلوب… أو أيٍّ من هذه التوصيفات الرديفة، ولكن الأمريكي يحسب دائماً حساب إسرائيل، وكان هذا ملحوظاً في واقعنا اليمني، كان هناك أيضاً في البرنامج الأمريكي مع المسؤولين، وفي الترتيبات والتهيئات، ما يمهِّد لذلك، وفي نهاية المطاف يكون اليمن أرضاً مجزَّأة مقسَّمة، يعيش شعبها البؤس، الانهيار، النزاعات والصرعات بلا أي داعٍ، بلا أي مبرر، ويعيش الشعب اليمني مسحوقاً ذليلاً مقهوراً، فقد حريته وعزته وكرامته، وخسر الدنيا والآخرة، هذا أمرٌ لا يمكن أن يقبل به إنسانٌ بقي له ضميره الإنساني، بقي له مشاعره الطبيعية، وإحساسه بإنسانيته كإنسان، بآدميته كآدمي، فما بالك مع ذلك شعوره بانتمائه الإيماني.

[الله أكبر / الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل / اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

ألقاها السيد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي

بمناسبة 21 سبتمبر 2021


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر