مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

 

خطبة الجمعة الثالثة من شهر ذي القعدة(1441هـ)

 

                                    بـديــوان عــام الـــــوزارة الخطبة الأولى

 

                                        بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، القائل في كتابه الكريم:{وَكَذَٰلِكَ أَنزَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا عَرَبِيّٗا وَصَرَّفۡنَا فِيهِ مِنَ ٱلۡوَعِيدِ لَعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ أَوۡ يُحۡدِثُ لَهُمۡ ذِكۡرٗا} ونشهد ألّا إله إلا الله واحدٌ بلا شريك، وملكٌ بلا تمليك، ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله بالحق إلى الناس أجمعين، أرسله بشيراً ونذيراً، وهادياً وداعياً وسراجاً منيراً، وثائراً في وجه الطغاة والطغيان، والظلم والعدوان، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الأطهار، وارض عن صحابته الأخيار المنتجبين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين.

 

أما بعد/ أيها الأخوة المؤمنون:

 

يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمۡۚ إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ . يَوۡمَ تَرَوۡنَهَا تَذۡهَلُ كُلُّ مُرۡضِعَةٍ عَمَّآ أَرۡضَعَتۡ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمۡلٍ حَمۡلَهَا وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٞ} فالتذكير باليوم الآخر والتذكّر له هو من الأمور التي يجب استحضارها دائماً في ذهنية الإنسان المؤمن, ومن المؤسف أن التذكير باليوم الأخر غاب من واقع التثقيف لدى الأمة الإسلامية عن المنابر والمناهج ووسائل التوعية والإعلام؛ بينما نجد أن الله ذكرنا باليوم الآخر في كتابه الكريم بشكل كبير ومفصل ومتكرر، وسماه بأسماء متعددة؛ كيوم الطامة والصاخة والقيامة ويوم الفصل ويوم التغابن، وقدم لنا عرضاً تفصيلياً لكل أحداثه؛ ليكون الإنسان عارفاً بما سيقدم عليه وحذراً متيقظاً؛ لأنه سينتقل من هذه الحياة حتماً ليقف ذلك الموقف كما قال تعالى: { كُلُّ نَفۡسِ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} ويقول تعالى {كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَإِنَّمَا تُوَفَّوۡنَ أُجُورَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ فَمَن زُحۡزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدۡخِلَ ٱلۡجَنَّةَ فَقَدۡ فَازَۗ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ} ويبدأ يوم القيامة بما ذكر الله عن تفاصيل زلزلة الساعة التي ستطال كل شيء في الحياة، والتي ستكون فوق تصور الإنسان وتوقعاته من الهول والشدة فيقول تعالى عن السماء{إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتۡ} {وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَهِيَ يَوۡمَئِذٖ وَاهِيَةٞ} {وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ أَبۡوَٰبٗا} ويتحدث عمّا سيحدث للشمس التي كانت مشرقة ومضيئة فيقول: {إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ} وربما تصطدم بجرم سماوي آخر كما قال تعالى: {وَجُمِعَ ٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَر}؛ فيغيب نورها ويبرد لهبها، ويتحدث عمّا سيحدث للنجوم فيقول تعالى: {فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتۡ} {وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ} ويتحدث عمّا سيحدث للأرض والجبال فيقول تعالى: {وَحُمِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَٱلۡجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةٗ وَٰحِدَةٗ} ويقول: {إِذَا رُجَّتِ ٱلۡأَرۡضُ رَجّٗا . وَبُسَّتِ ٱلۡجِبَالُ بَسّٗا} ويقول تعالى: {إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا . وَأَخۡرَجَتِ ٱلۡأَرۡضُ أَثۡقَالَهَا . وَقَالَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَا لَهَا . يَوۡمَئِذٖ تُحَدِّثُ أَخۡبَارَهَا . بِأَنَّ رَبَّكَ أَوۡحَىٰ لَهَا} ويتحدث عمّا سيحدث للبحار فيقول تعالى: {وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ} فتحترق مياهها وتتبخر.

 

أخي المؤمن:

 

كيف يكون حالك عندما ترى زلزالاً عنيفاً أو بركاناً نشطاً أو عاصفة شديدة تثور نحوك؟ فكيف بزلزال يعصف بالسماء والأرض والشمس والنجوم والبحار وبكل مكونات هذا الكون الفسيح {إِنَّ زَلۡزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ شَيۡءٌ عَظِيمٞ} تنتهي الحياة بعد ذلك الزلزال، ويعاد تشكيل الأرض من جديد، وتبدأ عملية البعث فيقول تعالى:{وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا مَن شَآءَ ٱللَّهُۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ} يبعث الله في الناس جميعاً الحياة فيظن المعرضون أنهم كانوا نائمين فقط فيقولون: {يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜ} فيأتيهم الجواب من قبل الملائكة {هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} هذا هو اليوم الموعود كما أخبركم به المرسلون الصادقون فيتساءل البعض إن كان يمكنه الفرار{ يَقُولُ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذٍ أَيۡنَ ٱلۡمَفَرُّ . كَلَّا لَا وَزَرَ} لا يوجد مكان للاختباء ولا منفذ للهروب {إِلَىٰ رَبِّكَ يَوۡمَئِذٍ ٱلۡمُسۡتَقَرُّ} ولايمكن لأحد أن يأتي بموكب أو حرس أومرافقين، ولا يمكن لأحد أن يأتي بمقامه كرئيس أو قائد أو شيخ أو مسوؤل؛ بل الكل يساقون إلى ساحة المحشر كما خلقهم الله عبيدًا خاضعين له تعالى {إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا . لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا . وَكُلّ هُم ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا}.

 

 

 

 

 

فيجتمع البشر جميعاً من أول إنسان خلقه الله وهو آدم (عليه السلام) إلى آخر إنسان يخلقه الله فيجتمعون في صعيد واحد؛ ولكن لهول الموقف ورغم كثرة الخلائق لا يسمع لكل تلك المليارات من البشر ما يمكن أن تسمع من ضجيج عندما يجتمع بضع مئات منهم في الدنيا؛ لأن الموقف صعب وخطير{وَخَشَعَتِ ٱلۡأَصۡوَاتُ لِلرَّحۡمَٰنِ فَلَا تَسۡمَعُ إِلَّا هَمۡسٗا} ويأتي الإنسان ومعه من يسوقه ومن يشهد عليه وينهال عليه التأنيب لغفلته عن هذه اللحظة {وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡوَعِيدِ . وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ . لَّقَدۡ كُنتَ فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ حَدِيدٞ}وعندها تبدأ عملية الحساب بتوزيع الكتب فيقول تعالى: {وَإِذَا ٱلصُّحُفُ نُشِرَتۡ} {وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا} {وَوُضِعَ ٱلۡكِتَٰبُ فَتَرَى ٱلۡمُجۡرِمِينَ مُشۡفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَٰوَيۡلَتَنَا مَالِ هَٰذَا ٱلۡكِتَٰبِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةً إِلَّآ أَحۡصَىٰهَاۚ وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرٗاۗ وَلَا يَظۡلِمُ رَبُّكَ أَحَدٗا}عندها يحاول الإنسان أن ينكرما ثبت عليه؛ فتعرض عليه كل أعماله السابقة بالصوت والصورة وفي القرآن ما يؤكد ذلك {وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ} {لِّيُرَوۡاْ أَعۡمَٰلَهُمۡ} ولا يعجز الله أن يوثق على الإنسان كل أعماله كما نشاهد توثيق الفيديو في الدنيا، وعملية توزيع الكتب تفرز الناس إلى صنفين فقط؛ الفريق الأول يستلم كتابه بيمينه ومن أمامه، والفريق الثاني يستلم كتابه بشماله ومن وراء ظهره، وتكون تلك الطريقة علامة على وجهة كل فريق {فَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ . فَسَوۡفَ يُحَاسَبُ حِسَابٗا يَسِيرٗا . وَيَنقَلِبُ

 

إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ مَسۡرُورٗا} وأما الفريق الأخر فما أسوأ بشارته {وَأَمَّا مَنۡ أُوتِيَ كِتَٰبَهُۥ وَرَآءَ ظَهۡرِهِ . ۦفَسَوۡفَ

 

يَدۡعُواْ ثُبُورٗا . وَيَصۡلَىٰ سَعِيرًا} هكذا ينقسم الناس إلى فريقين لا ثالث لهما وهذا ما يؤكد أن الناس في الدنيا هم عبارة عن فريقين فقط؛ فريق مع الحق وفريق مع الباطل، وسينقسمون إلى فريقين يوم القيامة وهذا ما تؤكده آيات القرآن الكريم{فَرِيقٞ فِي ٱلۡجَنَّةِ وَفَرِيقٞ فِي ٱلسَّعِيرِ} {يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ} {لِيَمِيزَ ٱللَّهُ ٱلۡخَبِيثَ مِنَ ٱلطَّيِّبِ وَيَجۡعَلَ ٱلۡخَبِيثَ بَعۡضَهُۥ عَلَىٰ بَعۡضٖ فَيَرۡكُمَهُۥ جَمِيعٗا فَيَجۡعَلَهُۥ فِي جَهَنَّمَۚ}.

 

أيها المؤمنون الأكارم:

 

بعد كل ذلك يحاول الإنسان أن يخاصم ويجادل مرة أخرى فيقال له أسكت فهناك من يريد أن يتكلم {ٱلۡيَوۡمَ نَخۡتِمُ عَلَىٰٓ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَتُكَلِّمُنَآ أَيۡدِيهِمۡ وَتَشۡهَدُ أَرۡجُلُهُم بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} وتتحول الخصومة بين الإنسان وأعضائه {وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَيۡنَاۖ قَالُوٓاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِيٓ أَنطَقَ كُلَّ شَيۡءٖۚ وَهُوَ خَلَقَكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ . وَمَا كُنتُمۡ تَسۡتَتِرُونَ أَن يَشۡهَدَ عَلَيۡكُمۡ سَمۡعُكُمۡ وَلَآ أَبۡصَٰرُكُمۡ وَلَا جُلُودُكُمۡ وَلَٰكِن ظَنَنتُمۡ أَنَّ ٱللَّهَ لَا يَعۡلَمُ كَثِيرٗا مِّمَّا تَعۡمَلُونَ . وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ}.

 

اليوم من المهم أن نتأمل كيف يحكي القرآن عن واقع المعرضين والمفرطين في الدنيا وكيف سيتغير حالهم فيقول عمّن كان لا يستجيب لداعي الله في الدنيا حين يقول: {يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} في يوم القيامة يصبح مستسلماً لداعي الله الذي يدعوه للتوجه إلى جهنم فيتوجه بدون أي تردد {يَوۡمَئِذٖ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُۥۖ} ويتحدث القرآن عمّن كان يأتي من يدله على صراط الله في الدنيا فلا يستجيب؛ في يوم القيامة تأتي الملائكة لتدله على صراط جهنم فيستجيب رغماً عنه {فَٱهۡدُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلۡجَحِيمِ}، ويأتي النداء لمن كانوا في الدنيا متعاونين على البغي والعدوان ومتحالفين لضرب الحق فيقال لهم: {وَقِفُوهُمۡۖ إِنَّهُم مَّسۡ‍ُٔولُونَ . مَا لَكُمۡ لَا تَنَاصَرُونَ . بَلۡ هُمُ ٱلۡيَوۡمَ مُسۡتَسۡلِمُونَ}، ويأتي الحديث عمّن كان يظهر محبته في الدنيا لأفراد أسرته إلى حد منعهم من الجهاد في سبيل الله بدعوى الخوف عليهم في الدنيا لكنهم يوم القيامة يحاولون إدخال كل من كانوا يدعون حبهم وحرصهم عليهم بل وكل من في الأرض إلى جهنم لكي يسلموا منها {يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۢ  ببَنِيهِ . وَصَٰاحبته واخية}

 

 

 

ليمنية، ونحن نرى ما وصلت إليه الأنظمة العربية وعلى رأسها النظامين السعودي والإماراتي من تولي لليهود تحت مسمى التطبيع، وما نراه من قادة الارتزاق من هرولة نحو اليهود، وما نراه من منع النظام السعودي العميل من منع المسلمين عن حج بيت الله الحرام ومنع فريضةٍ من فرائض الله؛ أمام كل هذا نحن نحمل أمانة أن نتحرك أكثر، وأن نبذل أكثر وأن نجد ونصبر ونتحرك بعزم أقوى ليتحقق النصر والعزة والفرج للمستضعفين، ولكي يتحقق لنا الأمن والفلاح والنجاة يوم القيامة ونلقى الله بوجوه بيضاء {وَلَقَدۡ سَبَقَتۡ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلۡمُرۡسَلِينَ . إِنَّهُمۡ لَهُمُ ٱلۡمَنصُورُونَ . وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ . فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ حَتَّىٰ حِينٖ . وَأَبۡصِرۡهُمۡ فَسَوۡفَ يُبۡصِرُونَ . أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ . فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلۡمُنذَرِينَ}.

 

هذا وأكثروا في هذا اليوم وأمثاله من ذكر الله, والصلاة على نبينا محمد وآله؛ لقوله عز من قائلٍ عليماً {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً}, اللهم صلِ وسلم وبارك وترحم على سيدنا وإمامنا ومعلمنا أبي القاسم محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم, وعلى أخيه ووصيه وباب مدينة علمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, وعلى زوجته الحوراء، سيده النساء في الدنيا والأخرى فاطمة البتول الزهراء, وعلى ولديهما سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين الشهيدين المظلومين, وعلى آل بيت نبيك الأطهار, وارض اللهم برضاك عن صحابة نبيك الأخيار, من المهاجرين والأنصار, وعلى من سار على نهجهم, واقتفى أثرهم إلى يوم الدين, وعلينا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم اجعل لنا من كل همٍ فرجاً, ومن كل ضيقٍ مخرجاً, ومن النار النجا, اللهم انصر علم الجهاد, واقمع أهل الشرك والعدوان والفساد, وانصرنا على من بغى علينا: أئمة الكفر أمريكا وإسرائيل، وأئمة النفاق السعودية والإمارات وكل من حالفهم وعاونهم يا رب العالمين{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}

 

عباد الله: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.

 

حِبَتِهِۦ وَأَخِيهِ . وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُ‍ٔۡؤويهِ . وَمَن فِي ٱلۡأَرۡضِ جَمِيعٗا ثُمَّ يُنجِيهِ} ويتحدث عمّن كانوا أصدقاء في الدنيا على باطل أنهم صيصبحون أعداء يوم القيامة {ٱلۡأَخِلَّآءُ يَوۡمَئِذِۢ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوٌّ إِلَّاٱلۡمُتَّقِينَ} ويتحدث عمّن كانوا لا يتفهمون ويستبصرون في الدنيا أنهم سيصبحون في أعلى درجات الإيمان واليقين لكن حيث لا ينفع {رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} ويتحدث القرآن عمّن كانوا يسخرون من الحق ومن أتباع الحق في الدنيا أنهم سيندمون ويعرفون أن سخريتهم أوبقتهم {أَن تَقُولَ نَفۡسٞ يَٰحَسۡرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنۢبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّٰاخِرِينَ} وهكذا يستمر القرآن في كشف تفاصيل وأحداث يوم القيامة والتي لم تحدث حتى الآن ولكن سبق التحذير منها رحمة من الله بالإنسان ليتنبه وهو ما يزال في الدنيا؛ أما يوم القيامة فمن لم يكن يتفهم سيتفهم، ومن لم يكن يسمع سيسمع، ومن لم يكن يعقل سيعقل، ومن لم يكن يبصر سيبصر، ومن لم يكن يؤمن سيؤمن، ومن لم يكن يتبرأ من الظالمين سيتبرأ، ولكن كلها أصبحت في الوقت الذي لا ينفع.

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ,إنه تعالى جواد برٌ رؤوف رحيم, أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم ولكافة المؤمنين والمؤمنات فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين, وأشهد ألاّ إله إلاّ الله وحده لا شريك له, وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن أصحابه المنتجبين.

 

أما بعد/ أخوة الإيمان:

 

استخلف الله الإنسان في الحياة ليحمل المسوؤلية الملقاة على عاتقه في إقامة الدين وتقديم الشاهد على كمال الله تعالى في حكمته وعدله ورحمته وعلمه وقدرته وعظمة منهجيته، وتلك المسوؤلية هي التي عبّر الله عنها بالأمانة في قوله تعالى {إِنَّا عَرَضۡنَا ٱلۡأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡجِبَالِ فَأَبَيۡنَ أَن يَحۡمِلۡنَهَا وَأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا . لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰافِقِينَ وَٱلۡمُنَٰافِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰاتِ وَيَتُوبَ

 

ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰاتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا} فالإنسان مسؤول أمام الله أن يتحرك ويعمل ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبذل كل جهده لإقامة دين الله ومقارعة الطغاة والمجرمين وهذه أمانة في عنقه سيسأل عنها يوم القيامة، والإنسان مسؤول أمام الله أن يحافظ على عباداته كاملة من صلاة وصيام وزكاة وغيرها وهي أمانة في عنقه سيسأل عنها أمام الله يوم القيامة، والإنسان مسؤول أمام الله أن يحافظ على زكاء نفسه وطهارتها وتجنيبها عن كل ما يدنسها من الأكل الحرام والنظر الحرام والقول الحرام والفعل الحرام؛ ليستطيع أن يقوم بمسوؤليته الكبرى، وعلى الإنسان أن يحافظ على أخلاقه وسلوكياته الحميدة الحسنة ليقدم الشاهد على تربية القرآن له وكل ذلك أمانة في عنق الإنسان، وما أسوأ أن يأتي الإنسان يوم القيامة وهو خائن لله في أمانته {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوٓاْ أَمَٰنَٰتِكُمۡ وَأَنتُمۡ تَعۡلَمُونَ}، ومن أكثر الأمانات التي إتأمن الله عليها الإنسان ليعطيها غيره من الناس هي الزكاة التي جعلها الله حقًا للفقير في مال الغني {وَفِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} فمن لا يؤدي الزكاة هو كمن انتهب مال الفقراء وأكله حراماً، وسيصبح من الخاسرين؛ لأن الله حينما قال {قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} قال بعدها {وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ} وقال بعدها {وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِأَمَٰنَٰتِهِمۡ وَعَهۡدِهِمۡ رَٰعُونَ} وعندما قال تعالى{وَٱلَّذِينَ فِيٓ أَمۡوَٰلِهِمۡ حَقّٞ مَّعۡلُومٞ . لِّلسَّآئِلِ وَٱلۡمَحۡرُومِ} قال بعدها: {أُوْلَٰٓئِكَ فِي جَنَّٰاتٖ مُّكۡرَمُونَ} فالزكاة أمانة عند الإنسان، وأموال الأوقاف أمانة عند الإنسان، وحقوق الآخرين أمانة عند الإنسان، وكل مسؤولية الإنسان أمانة، والتفريط في كل منها خيانة والرقيب والحسيب والمجازي هو الله القائل: {فَيَوۡمَئِذٖ لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُۥٓ أَحَدٞ . وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُۥٓ أَحَدٞ}.

 

المؤمنون الأكارم:

 

ونحن نعيش العام السادس من العدوان والحصار الظالم علينا من قبل أئمة الكفر والنفاق، ونحن نرى كل يوم ما يشهد ويؤكد على طغيان وإجرام وخسة وانحطاط العدوان وأدوته، ونحن نراهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، ولا يرعون حرمةً لصغير ولا لكبير ولا لمرأة ولا لطفل ولا لمريض ولا لإنسان ولا لحيوان، ونحن نرى آخر جرائم أدوات العدوان في مأرب والتي ترجمت ما وصلت إليه من أحقاد وانسلاخ عن الهوية الإيمانية ا

 


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر