فالتحرك في تلك الظروف، وكسر حاجز الخوف والترهيب من ظروف صعبة للغاية، وبمشروعٍ راقٍ جداً، هو ما تميز به شهيد القرآن السيد/ حسين بن بدر الدين الحوثي "رِضْوَانُ اللهِ عَلِيْهِ"، أمام كل تلك الحالة تَحرَّك هو، وتحركاً متميزاً، كسر حاجز الخوف الذي طغى، وجعل الكثير يصمتون، هي الحالة التي- مثلاً- نتساءل أين هو دور الكثير من الذين يفترض بهم أن يكونوا طليعة المجتمع، في تبني موقفٍ صحيح أمام تلك الهجمة الخطيرة، التي تشكل خطورةً بالغةً على المسلمين، فهو كسر حاجز الخوف، وتحرَّك- في نفس الوقت- بمشروعٍ عظيمٍ وراقٍ ومميز، سنتحدث- إن شاء الله- في سياق هذه الكلمة عنه.
في مقدمة ما يميز هذا المشروع القرآني هو: النقلة، النقلة العظيمة التي ينتقل بها، ينتقل بالشعوب نفسها، بدءاً بالنطاق الجغرافي الذي تحرَّك فيه، من حالة الضياع واللاموقف، إلى حالة الموقف الواعي، الموقف الواعي، المدروس، العظيم.
الحالة القائمة آنذاك، في مقابل الهجمة الأمريكية والإسرائيلية والغربية، هي حالة لا يمكن أن تُشَكِّل أي حمايةٍ للأمة، فالأمة- كما ذكرنا- أنظمة معظمها تسابقت باسترضاء الأمريكي، وخضعت له، وفتحت له المجال ليفعل ما يشاء ويريد، مما هو ضارٌ بشعوب أمتنا، مما يمكِّن الأمريكي- أصلاً- من تحقيق أهدافه بسهولة، في السيطرة التامة على هذه الشعوب، والاحتلال لأوطانها، والنهب لثرواتها، والاستهداف لهذه الشعوب في هويتها، وتجريدها من كل عناصر القوة، التي يمكن أن تبنيها وتبني موقفها بما يدفع عنها الخطر، فتلك الحالة بالنسبة للأنظمة الرسمية كانت معروفة، والموقف الرسمي لم يكن ليشكل أي حماية للشعوب.
أيضاً في واقع الشعوب، هناك من هو متجه بنفس الاتجاه الذي عليه الأنظمة والحكومات في معظمها، ومنهم أيضاً من هو في حالة استسلام، استسلام تام، وتجاهل للأحداث وخنوع، لتصل الأمور أينما يمكن أن تصل، البعض ليس لديهم لا وعي ولا بصيرة، ويتأثرون بحالة الخوف، اجتمعت لديهم حالة الخوف واليأس؛ فكانوا في حالة استسلام تام، ولا يتجهون لتبني أي موقف، والبعض أيضاً تنقصهم الرؤية، تنقصهم الرؤية، ليس لديهم فكرة عن: ماذا يمكن أن نعمل؟ وكيف نتحرك؟ وعندما تفرض الأحداث الكبيرة نفسها عليهم، يكون الحديث عنها؛ لأنها فرضت نفسها، لم يعد من الممكن التجاهل لها، ولا الغفلة عنها، فرضت نفسها، فيتحدثون عنها بطريقة غير صحيحة، طريقة إعلامية بحتة، سواءً من النخب نفسها، أو الجهات الإعلامية، أو في أوساط الشعوب نفسها، ومن ضمن ذلك الحالة التي هي في بلدنا كأي حالة في بقية البلدان العربية، وبقية البلدان في العالم الإسلامي.
فمثلا: عند العدوان الأمريكي على أفغانستان، والاجتياح الأمريكي لأفغانستان، حالة فرضت نفسها، على الكثير من الناس أن يتحدث عنها، ولكن عادةً ما يكون حديثهم كما وصفه شهيد القرآن "رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْه" حديثاً لمجرد الفضول، حديثاً بطريقة إعلامية بحتة، تحليل، وحديث عن الموضوع لا ينطلق من رؤية ثابتة، وليس في سياق اتخاذ موقف عملي مما يجري، تلك الحالة التي وصفها بقوله: ((وبدل أن تتحدث كل مجموعة لوحدها عن الأحداث التي تدور في العالم في هذا الـزمان، فلنتحدث جميعاً بدل أن نتحدث كمجموعات في بيوتنا في جلسات القات، فتنطلق التحاليل الخاطئة والمغلوطة، وينطلق التأييد والرفض المغلوط- في أكثره- داخل هذه المجموعة وتلك المجموعة))، إلى أن يقول: ((وبدل أن نتحدث كمجاميع هكذا مفرقة في البيوت حديثاً أجوف، تحليلاً لمجرد التحليل، وأخبار لمجرد الفضول، وبطابع الفضول نتناولها، ثم نخرج وليس لدينا موقف، تخرج كل مجموعة وليس لها رؤيةٌ معينة، ولا موقفٌ ثابت، تتقلب في حديثها ومواقفها تبعاً لما تسمعه من وسائل الإعلام)).
وفعلاً هذه هي الحالة السائدة عند من؟ عند البعض من أبناء شعوب أمتنا ممن تفرض الأحداث نفسها عليهم، فيكون تفاعلهم معها في هذا المستوى فقط، وبحسب وسائل الإعلام التي يسمعونها، ويتابعونها، وما يشاهدونه فيها، فيتأثرون، البعض قد يتأثر بما يسمعه من صيغة خبر وجِّهت بطريقة معينة؛ لتترك قناعة معينة، أو من أحد المحللين الذين يسمعهم، فأولئك يتأثرون بما يسمعونه من قناة فضائية معينة، لها سياستها الإعلامية المعينة، وآخرون من القناة الأخرى... وهكذا، ولكن في هذا المستوى فقط: تفاعلاً مثلما ذكره هنا: حديثاً أجوف، تحليلاً لمجرد التحليل، أخبار لمجرد الأخبار، رؤية متبدلة، يسمع الإنسان تحليلاً يتأثر به، يخرج بقناعة مُعيَّنة، بفكرة مُعيَّنة، بتفاعل مُعيَّن، ثم يسمع تحليلاً آخر، فيتأثر به، وهكذا؛ لأنه لا ينطلق من رؤية ثابتة، ولا من وعي راسخ، ولا من نظرة صحيحة، هذه حالة ضياع، ضياع في واقع الأمة، ولا موقف ثابت، تتقلب في حديثها ومواقفها تبعاً لما تسمعه من وسائل الإعلام، مع ذلك لا يعفينا هذا عن المسؤولية، ولا تسلم به الأمة، ولا من له مثل هذا المستوى من التفاعل، لا يسلم من نتائج ما قد يصل به الحال مثلاً في تفاعله من تأييد أو رفض، فالتفاعل أحياناً حتى على مستوى التأييد بالكلام والموقف النفسي لرؤية معينة أو موقفٍ معين، يجعل الإنسان شريكاً في ذلك الموقف، ويحسب عليه كموقف، يتحمل التبعات المترتبة على ذلك ما بينه وبين الله "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى".
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
الذكرى السنوية للصرخة 1445هـ