مـرحبـا بكم في موقع دائرة الثقـافـة القـرآنيــة

بالمكتب التنفيذي لأنصار الله

ثم عندما نأتي للحديث عن الشهادة والشهداء وعن هذه التضحية، فعلينا أن نستذكر حقيقةً مهمة: هذه الحياة- أيها الإخوة والأخوات- هي ميدان مسؤولية، ميدان اختبار، ميدان صراع، وهذا ما يركِّز عليه القرآن كثيراً كثيراً ليرسخه؛ لأنه من أهم المفاهيم على الإطلاق، والكثير من الناس حينما لا يستوعب هذا المفهوم، تتكون في ذهنيته صورة خيالية عن واقع هذه الحياة، ثم يضيع في توجهاته وفي مواقفه وراء الوهم والسراب للوصول إلى تلك الحياة الخيالية.

 

هذه الساحة على كوكب الأرض، هذا الميدان وجد فيه الإنسان ومنذ وجوده وجد الصراع، ووجدت المشاكل، ووجدت الخلافات، حتى عندما وجد أبونا آدم -عليه السلام- قبل أن يكون له ذريةٌ ونسل، كان الصراع بدءاً مع إبليس الذي {[الكهف: من الآية50]، واستكبر عن السجود لآدم، وكان معارضاً بشدة لاستخلاف آدم ونسله الذين هم البشر على الأرض؛ لأنها مسؤولية مهمة وكبيرة، {[البقرة: من الآية30]، ودورٌ كبير يتيح لهذا الإنسان أن يكون له شأنٌ كبير كموجود مهم في هذا العالم ذو كرامة، وذو قيمة عالية جدًّا، وشأن كبير، ودور كبير في واقع هذه الحياة، لهذا الإستخلاف له معنىً كبير وكبير وكبير، فكان الصراع مع إبليس، وحكى الله لنا في القرآن الكريم، وتكرر كثيراً في القرآن الكريم قصة هذا الصراع مع إبليس، وكيف تحرك إبليس بكل عدائية بعد أن أقسم قسماً، وطلب من الله أن ينظره في هذه الحياة ليعيش مدةً طويلة، وزمناً طويلاً، قال: {[الحجر:36- 38].

 

إبليس بدأ معركته مع آدم -عليه السلام- واستهدفه في تلك المعركة بطريقة غفل آدم عنها، نسي ما كان الله قد حذره منه، الله أخبره أن إبليس عدوٌ له ولزوجه حواء، أخبره أنه سيستخدم الخداع والمكر في معركته، في عدائه، ولكنه نسي كما قال القرآن الكريم:{[طه: من الآية115].

 

بعدها تكررت واستمرت هذه المعركة لتأتي أيضاً في الجيل الأول: أبناء آدم -عليه السلام- وحكى لنا القرآن الكريم قصة ابني آدم عندما قتل أحدهما الآخر بدافع الحسد، فكانت أول معصية، وأول دافعٍ عدائي هو الكبر، وهذه في معصية إبليس، وفي عدائه لآدم، ولأبناء آدم، ولذرية آدم، ثم كان الدافع الآخر العدائي الذي وصل إلى مستوى القتل، هو دافع الحسد.

 

في واقع هذه الحياة تستمر حالة الصراع، لماذا؟ هناك على مستوى الواقع البشري، دعك عن واقع الجن، حتى في واقع البشر أنفسهم؛ لأن المعركة والصراع في الواقع البشري كبيرٌ جدًّا، المعركة كبيرة، والصراع كبير، ومستمرٌ عبر الأجيال في كل زمن، وفي كل بلد، الإنسان فطره الله -سبحانه وتعالى- وهيـَّأه، وهيَّأ لديه القابلية لأن يكون في هذه الحياة عنصر خيرٍ، يتحلى بمكارم الأخلاق، أو أن يكون عنصر شر، ولهذا قال في القرآن الكريم: {[الشمس: 7-8]، {، يمكن للإنسان أن يسعى في هذه الحياة ليكون عنصراً خيِّراً، فاضلاً، تقياً، زكياً، يتحلى بمكارم الأخلاق، يتربى عليها، يلتزم بها، يرتبط بمنهج الله -سبحانه وتعالى- يعتصم بحبل الله -سبحانه وتعالى- يؤمن بالله، ويحظى من الله مع ذلك بالهداية والتوفيق، {[محمد: الآية17]، أو أن يكون عنصراً شريراً، سيئاً، يؤثر فيه الكبر، الحسد، الغرور، الظلم، الحقد، الطمع… تلك الأهواء والميول السيئة والشريرة، والتي يستغلها الشيطان إن وجدت لدى الإنسان فيتدخل ليتحرك أكثر وأكثر في دفع هذا الإنسان في ميادين الشر، في ميادين الفساد، في ميادين الإجرام، تحت رايات الضلال والباطل، فلذلك هذه الحياة حياة صراع، الصراع فيها موجود، المشاكل فيها موجودة، والواقع البشري هو يعيش هذه الحالة من الصراع، حتى أنَّ الأنبياء والرسل وهم صفوة البشر، وخيرة البشر، وهم الذين يمتلكون الخير روحيةً، وأخلاقاً، وقيماً، وهم موصولون برعايةٍ من الله -سبحانه وتعالى- وهدايةٍ إلهيةٍ دائمة، وهم الذين وصلوا المستوى الأعلى في الكمال البشري على المستوى الإنساني والأخلاقي والقيمي، وعلى مستوى الرشد، والحكمة، والفهم الصحيح، والذكاء العالي، والإستقامة العملية والأخلاقية، يعني: يتوفر لديهم زكاء النفوس، وصوابية التفكير، والرشد، والفهم الصحيح، والهداية الإلهية، ويتحركون في واقع هذه الحياة في مسؤولياتهم من هذا المنطلق: من منطلق الهداية الإلهية، والرعاية الإلهية، والتوفيق الإلهي، والتوجيه الإلهي، وبما منحهم الله من كمال أخلاقي وإنساني، وكمال في الرشد والتفكير الصائب، والسلوك الحسن، والأداء العالي في المسؤولية، لم يسلموا من الصراع، لم يكونوا بمعزل عن الصراع، لم يكونوا بمعزل عن التحديات، عن مواجهة المشاكل، عن مواجهة الأخطار، بل نجد أن الله -سبحانه وتعالى- قال في كتابه الكريم: {، لاحظوا عبارة: (لِكُلِّ نَبِيٍّ)، تشمل كل الأنبياء بلا استثناء، يعني: ما واحد من الأنبياء إلَّا دخل في هذه القاعدة وهي: {[الفرقان: من الآية31]، ما من نبيٍ من الأنبياء إلَّا كان له عدو، وعدو ماذا يعمل معه؟ يبتسم له؟ يجامله؟! عدو يحاربه، يتصدى له، يواجهه، يكيد له، يمكر به، يسعى لإعاقته، يسعى لإفشال مشروعه الرسالي، يتحرك بكل ما يمكنه من الوسائل في التصدي للنبي، وهو النبي، لكن هل الله يترك أنبياءه؟ |لا| قال -جلَّ شأنه-: {[الفرقان: من الآية31]، فمعادلة الصراع في الحياة معادلة قائمة موجودة، لا يمكن التهرب عنها، لا يمكن أن تكون بمعزلٍ عن آثارها، عن أضرارها، عن المسؤولية فيها، حتى لو قعدت، حتى لو تنصلت عن المسؤولية يلحق بك أثر الصراع، ضرره، وتلحقك تبعات تقصيرك في الدنيا، وتبعات تقصيرك إثماً ووزراً وذنباً تعاقب عليه في الآخرة، لا مناص من الصراع، لا مناص من التحديات.

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

دروس من هدي القرآن الكريم

 

من كلمة السيد القائد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي / حفظه الله.

كلمة السيد بمناسبة الذكرى السنوية للشهيد 1441هـ يناير 18, 2020


  • نبذة عن المسيرة القرآنية

    المسيرة القرآنية : هي التسمية الشاملة لهذا المشروع القرآني, وهي التوصيف الذي يعرِّف به تعريفًا كامًلاً , فعندما نعبر عن طبيعة المشروع القرآني الذي نتحرك على أساسه نحن نقول: المسيرة القرآنية.. وهي تسمية من موقع المشروع الذي نتحرك على أساسه.

    فالمسيرة القرآنية توصيف مرتبط بالمشروع القرآني وهي التسمية الشاملة والأساسية لهذا المشروع

    وهذه المسيرة العظيمة تقوم على ....

    اقراء المزيد...
  • تابعنا على مواقع التواصل

    • تابعون على التيلجرام
    • تابعونا على تويتر
    • تابعون على اليوتيوب
    • تابعونا على الفيس بوك
تصميم وبرمجة : حميد محمد عبدالقادر